مذكرات رجل ما

مؤخرًا، أُصبتُ بالزهايمر. لم أعد قادرًا حتى على تحديد مشاعري. أتذكر مشاهد ولحظات كأنها لقطات من فيلم قديم، وفجأة أجد نفسي وحدي في اللامكان معلقًا بين الذاكرة والنسيان.

عائلتي الآن هي شريان حياتي، وكل ما أعتمد عليه للبقاء حاضرًا ولو قليلاً. كنت دائمًا رجلًا شديدًا، وقاسيًا في مواقفي. اعتقدت أنهم سيتركونني لأواجه هذا المصير وحدي، أن أتعفن في عزلة صنعها مرضي.

لكن الحقيقة؟ لم أتوقع منهم ذلك. فقدتُ الأمل يومًا، لكنهم أظهروا لي وجهًا آخر للحب، وجهًا مليئًا بالصبر والرحمة.

مؤخرًا، أشعر أن وقت رحيلي قد حان. في الحقيقة، أنا خائف. فكرة الفناء ترعبني، لكن وجودهم حولي يبعث الطمأنينة في قلبي. 

اشتريتُ لابني كاميرا. لطالما كان شغوفًا بالتصوير، وكم أسعدني أن أراه يمارس هوايته بحماسٍ وشغف.

 سؤالي لنفسي لا يغادر ذهني: ترى لو كان أبي قد فعل ذلك معي، لو كان قد دعمني وآمن بي، هل كنت سأغدو شخصًا أفضل؟ هل كنت سأتعلم الحب بطريقة أبسط؟ هل كنت سأملك الشجاعة لأقول لعائلتي كم أحبهم؟

يترك مذكراته بعناية، يطوي الصفحة الأخيرة، ويضع صورتهم العائلية بين طياتها. ثم يتركها على المنضدة بجانب سريره، ويستسلم لنومٍ يبدو أكثر هدوءًا من أي وقت مضى.

تعليقات

المشاركات الشائعة