العاصفة الأخيرة

كانت آخر عاصفة ثلجية أصابت الأرض منذ 720 مليون عام. لم يخطر على بال أحد منا أن ذلك قد يحدث مرة أخرى. لكن ها نحن الآن نواجه تلك الكارثة.

في الحقيقة، لقد مرّت ثلاث سنوات منذ أن بدأت العاصفة الثلجية، لكن دعني أخبرك كيف بدأ الأمر.

في عام 2030، كانت لدى جميع الدول رؤية جديدة لتغيير مسار الكوكب، لكن الأمور لم تسر كما شئنا. 

لاحظ العلماء تغيرات غريبة، كانخفاض الإشعاع الشمسي، تمامًا كما حدث خلال العصر الجليدي الصغير بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر.

أجرى العلماء شتى البحوث، لكن لم يكن لديهم وقت كافٍ إذ حدث ما هو أسوأ. انفجرت عدة براكين ضخمة، مطلقةً سحبًا كثيفة من الرماد البركاني وبذلك حجبت أشعة الشمس، مما أدى إلى تسارع دخول الأرض في عصر جليدي جديد.

كوني عالمة سجلت كل شيء، والآن دعني أسرد لكم كيف بدأ الأمر

أول ما اندلع كان بركان تامبورا في إندونيسيا، ذاك البركان الذي تسبب في "عام بلا صيف" عندما انفجر عام 1815، حيث غطى الغبار البركاني الكثيف السماء وأدى إلى انخفاض عالمي في درجات الحرارة. 
وها هو الآن يخنقنا بغباره مرة أخرى. حاولت إندونيسيا تدارك الكارثة سريعًا، لكن الضرر كان قد وقع.

 ثم، في غضون ساعات قليلة استيقظ بركان فيزوف في إيطاليا، ذاك الذي طمر مدينة بومبي الرومانية عام 79 ميلاديًا. وها هو الآن يدفن نابولي تحت طبقاته الحارقة من الرماد والصخور المنصهرة.

لكن النصيب الأكبر كان لأمريكا، حيث انفجر مونا لوا في هاواي، تلاه الحدث الأعظم: يلوستون. هذا البركان العملاق الذي لطالما كان تهديدًا كامنًا. ها قد أطلق العنان لغضبه، ناشرًا غيوم الرماد التي حجبت الشمس تمامًا عن نصف الكرة الأرضية.

وامتد الدمار شرقًا وغربًا، إذ انطلقت أعمدة الدخان من بركان ساكوراجيما في اليابان، واهتزت آيسلندا تحت ثورة كاتلا محدثةً انهيارات جليدية وفيضانات هائلة.

وكما هو متوقع، لم تأتِ تلك الانفجارات وحدها، بل تبعتها سلسلة من الهزات الأرضية العنيفة، وموجات مدٍّ اجتاحت السواحل، وتغيرات في اتجاهات الرياح، وعواصف، ورماد، وكوكب على وشك أن ينتهي.

لم أعرف كيف يمكن لعالم بأكمله أن يتحول في أيام قليلة من كرة نار مشتعلة إلى كرة جليدية متجمدة. لكن ها قد حدث.

 لم نرَ الشمس لثلاثة أعوام. أكاد أجزم أننا نسينا شكلها.

 بالطبع، إذا غابت الشمس، غابت الحياة. فلم يعد لدينا طعام كافٍ، وأصاب الجوع البلاد. 

لكننا كبشر تأقلمنا مع الوضع، واخترعنا أساليب جديدة للحصول على طعامنا.

في الحقيقة، لقد كلفتني الحكومة الروسية بتدوين كل الأحداث الجيولوجية التي وقعت. 

لست وحدي بالطبع، فمعي العديد من العلماء من شتى البلاد. على أي حال، أنا العالمة "سيلفيا أماريليس". ولقد توصلت أنا والعديد من العلماء إلى الكثير من الحلول التي قللت من تلك السحابة التي تحجب الشمس عنا. وسننهي الأمر قريبًا.

 لكن، مخاوفي باتت أكبر. لا أعرف إن كانت تلك مجرد أوهام، لكن منذ بضعة أيام،
 كنت أنا وزميلي العالم" كوردن آدامز" في آيسلندا، ولاحظنا شيئًا غريبًا.

"هناك كائن غريب"

منذ بضعة أيام، كنت أنا وزميلي العالِم "كوردن" في آيسلندا عندما لاحظنا شيئًا غريبًا. 

كان الكائن الذي شاهدناه يطير على ارتفاع منخفض فوق الحقول الجليدية، يتنقل بسرعة هائلة، وكأنه يمتلك قدرة غير عادية على التحليق في الهواء البارد. لم يكن يشبه أي طائر أو مخلوق نعرفه. جسده كان يلمع بلون أزرق باهت.

لكن الأكثر رعبًا أنه لم يكن يقتصر على الطيران فقط.
لقد كان يمشي أيضًا. وإن كان يستطيع السباحة، فنحن نواجه كارثة جديدة تمامًا.

في البداية، لم نجرؤ على الاقتراب منه. كنا نراقبه من بعيد نحاول فهمه، لكن بعد أيام قليلة اكتشفنا شيئًا آخر: لم يكن وحده. بل كان جزءًا من مجموعة، عشرات النسخ منه تتحرك في تناغم كما لو أنها كيان واحد.

هناك شيء غريب للغاية يحدث. كلما اقتربنا، بدأنا نشعر باضطراب غير مرئي في الهواء، وكأن المجال المغناطيسي حولنا يتغير. أجهزتنا تعطلت، بوصلاتنا انحرفت، وكأن هذا الكائن أو تلك الكائنات تبعث ترددات مغناطيسية تشوش كل شيء حولها.

هل هو تهديد؟ أم أمل جديد؟ لا نعرف بعد. لكننا على يقين من أننا وصلنا إلى نقطة فاصلة.

أما إن أردتم رأيي كعالمة، فلا يبدو أن شكله ينذر بالخير.

 لكن إن نجحنا في السيطرة عليه، فسيُخلَّد اسمي العالمة "أماريليس" ضمن أبطال أنقذوا كوكب الأرض.

تعليقات

المشاركات الشائعة