مذبحة في شوارع القاهرة
المحقق: متى قابلته؟
الشاهد: عندما كنا صغارًا، عشنا في ذات الميتم.
المحقق: اخبرني بالتفصيل.
الشاهد:
"عندما كنت صغيرًا... كنت أعيش في دار للأيتام، كان المكان يعج بالأطفال. كنا جميعًا أصدقاء ونلعب سويًا، إلا ذلك الفتى... كان غريب الأطوار. كان دائمًا يحمل أدوات غريبة، كأنها جزء منه. لا أحد كان يقترب منه؛ كان مُخيفًا، وكان دائمًا يختفي في أوقات غريبة. وكان هناك شعور دائم بالخوف يحيط به.
في أحد الأيام، كنت ألعب بالقرب من أحد الأسوار القديمة، وفجأة رأيت قطة صغيرة. كانت ضالة، تبحث عن مأوى. كنت ألعب معها ببراءة، أراقبها وهي تلهو في تلك الزهور التي نمت على جانبي السور، حتى ظهر ذلك الفتى فجأة.
ابتسم ابتسامة باردة، غريبة جدًا على وجهه، ثم قال لي بهدوء شديد: "هل نلعب مع القطة؟"
لم أفهم ما يقصده، فسألته بحذر: "كيف سنلعب؟"
لكنه لم يُجب. بدلاً من ذلك، أخرج شيئًا من خلف ظهره... كان سكينًا صغيرًا، لامعًا.
قال بابتسامة مرعبة: "سنشق بطنها، ثم نقطع يديها، ثم ذيلها."
لا أستطيع أن أنسى تلك الكلمات، كان صوته هادئًا.
شعرت بالهلع في ذلك الوقت. تركت القطة وركضت بسرعة، لم أكن أفكر في أي شيء سوى النجاة. وفي اليوم التالي، أخبرت المشرفة عن الحادثة، ولكننا لم نجد أي قطة. كانوا يظنون أنني اختلقت القصة.
وبعد تلك الحادثة جاء اقارب له اخذوه من دار الأيتام. لا اتذكر اسمه، لانه لم يتحدث معنا كثيرا.
ينتقل المشهد إلى غرفة مظلمة تملؤها رائحة عفن ودماء.
كان الظلام كالحجاب الثقيل الذي يخنق الأنفاس. كانت الحوائط مغطاة ببقع حمراء، تشي بأشياء رهيبة حدثت في هذا المكان. الصوت الوحيد الذي يمكن سماعه هو خفق قلبها السريع، وصوت أنفاسها التي تتسارع.
الصوت في الظلام: ألن تكفي عن الصراخ؟ ألا تعرفين أنه لا يمكنك الاستغاثة بأحد هنا؟
ثم ضحك ضحكة هيستيرية، مليئة بالجنون.
برأيك، بماذا أبدأ؟ بالقدم أم بالساق؟
أصبح الصوت أكثر قربًا منها، لدرجة أنها شعرت بنفثات الهواء على وجهها، وكأن أنفاسه نفسها تحمل الوعيد.
لقد كنتِ كاتبة، أليس كذلك؟ أممم، إذًا، فيداكِ هما مصدر رزقك، أليس كذلك؟
ضحة هستيرية آخري .
-------------
التاسع عشر من ديسمبر لعام 2029
تقطع نشرة الأخبار بخبر عاجل.
المذيع: "وصلت ضحايا القاتل إلى 7 ضحايا حتى الآن، ولا تزال الشرطة المصرية عاجزة عن الوصول إليه. في ظل هذا الغموض المثير للقلق، تواصل الأجهزة الأمنية التحقيق في سلسلة الجرائم التي هزت أرجاء العاصمة. تملك الشرطة بالفعل أدلة عن طفولة القاتل إلا أنه غير هويته عده مرات. تجدر الإشارة إلى أن الضحايا جميعهم عُثر بجانب منزلهم، مما يشير إلى أن بصمة القاتل هي جعل الأهل يشعرون بالحرقة والصدمة لرؤية جثث أبنائهم في أماكن مألوفة لهم. في ضوء ذلك، أعلنت الحكومة حالة طوارئ وحظر تجوال من الساعة السابعة مساءً في محافظة القاهرة. كما صدرت تحذيرات للنساء بضرورة الحذر وعدم التواجد في الأزقة المغلقة أو الأماكن المظلمة."
انتقال إلى قناة إخبارية أخرى.
المذيع: "نلتقي الآن مع المحلل الأمني، الدكتور محمد إسماعيل، للحديث عن الوضع الحالي."
المحلل: "شكرًا لك. الوضع في القاهرة الآن مقلق للغاية. ما نراه هو أن القاتل يتبع نمطًا محددًا في اختيار ضحاياه، لكنه يترك وراءه تلميحات تشير إلى جريمة ذات دوافع نفسية معقدة. بصمة القاتل لا تقتصر على طريقة ارتكاب الجريمة نفسها، بل على التأثير النفسي الذي يتركه على العائلات والمجتمع ككل. من المؤكد أن هذا القاتل كان لديه طفولة صعبة جدًا، وتظهر علامات على أن علاقته بأسرته قد تكون ذات سياق مرتبط بالبصمة النفسية التي يتركها في جرائمه. كما أن الأدلة تشير انه كان يتيم، وعاش في دار للأيتام في فترة ما في حياته، وبالطبع تساهم تلك العوامل في تنشأه الأمراض النفسية. للأسف لم تكن هناك حالات كهذه في مصر سابقا وحتي لو وجدت فقد مر عليها دهر أو منذ زمن سحيق. فماذا تغير؟ يبدوا اننا سنحتاج قريبا لدراسة العوامل النفسية للشعب المصري. لكن في الوضع الراهن نأمل أن تتمكن الشرطة من الوصول إليه في أقرب وقت ممكن.
----------
الحادي وعشرون من ديسمبر
الساعة السابعة ونصف صباحًا
الخبر يقطع البث فجأة.
المذيع: "في حادث جديد، تم العثور على جثة لطفلة في التاسعة من عمرها بجانب مكب نفايات في منطقة دار السلام. ما يجعل الحادث أكثر إثارة للقلق هو أن الطفلة كانت ابنة أحد السكان المحليين في المنطقة. الخبر أثار حالة من الذعر بين أهالي المنطقة، خاصة أن الطفلة كانت قد اختفت قبل أيام، وهو ما يضيف مزيدًا من الغموض حول هذا القاتل الغادر."
المذيع: "حالة من الرعب والكئابة غمرت القاهرة. حيث أصبح المواطنون في حالة من التوتر الشديد. السلطات الأمنية لم تتمكن حتى الآن من تقديم أي دليل قاطع أو إحراز أي تقدم في التحقيقات. السكان في حالة ذعر مستمر، ومن الواضح أن الشرطة تواجه صعوبة كبيرة في العثور على القاتل الذي يبدو أنه يترك خلفه آثارًا نفسية مرعبة، أكثر من الجريمة نفسها.
حملات تحذير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث منشورات وفيديوهات تحث الجميع على الحذر.
-----------
الخامس والعشرون من ديسمبر
توصلت الشرطة لخيط للوصول إلى القاتل وذلك عن طريق الاستعانة بخبير تابع لخبراء الأمن الأمريكيين. وُجد عرين القاتل في مستودع مهجور في منطقة منشية الصدر.
خبر جديد يقطع مسلسل "الوحش" لمحمد رمضان.
المذيع: "خبر عاجل: اكتشفت المخابرات المصرية، وذلك عن طريق الاستعانة بخبير أمن تابع للولايات المتحدة، مفاجأة فاجأت الجميع. حيث تبين أن عدد جثث الضحايا ليس كما كان يُعتقد، بل وصل إلى خمسة عشر جثة لفتيات وفتيان من مختلف الأعمار."
المذيع: "لكن المفاجأة الصادمة كانت أن القاتل قد اختفى تمامًا. فقد هرب دون أن تترك أية آثار وراءه، ولا حتى خيوط تساعد في الوصول إليه. وعلى الرغم من الاستعانة بأجهزة الأمن الأمريكية، لم تتمكن أي جهة من تحديد مكانه أو الوصول إلى أدلة جديدة قد تكشف عن هويته.
المذيع: "نعرب عن أسفنا العميق لأهالي الضحايا وندعو لهم بالصبر والسلوان في هذا الوقت العصيب."
ومنذ ذلك اليوم، لم تُسجل أي حالات قتل أو جرائم مماثلة.
------------------
في التاسع عشر من ديسمبر لعام 2030
تم العثور على جثة شاب في العشرين من عمره، مقطعة إلى أجزاء، بجانب قسم شرطة مدينة نصر. وقد وُجدت إلى جانب الجثة ملاحظة مكتوبة بخط اليد، جاء فيها:
"أعزائي المواطنين، وأحبائي من الشرطة المصرية، أما بعد... فقد اشتقت إليكم. هذه هديتي الصغيرة، أرسلها لكم للتعبير عن مدى اشتياقي.
كدت أنسى أن أخبركم... هذه المرة بدأت بالرأس."
من محبكم
حاصد الأرواح
تعليقات
إرسال تعليق